إسرائيل تقطع شريان حياة الحوثيين بقصف ميناء الحديدة
صنعاء - شنّت إسرائيل ضربات جديدة الثلاثاء على ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين في غرب اليمن، على ما أفادت وسائل إعلام تابعة للجماعة المدعومة إيرانيا.
هذه الضربات ليست مجرد رد على هجمات الحوثيين الأخيرة، بل هي استهداف استراتيجي لشريان حياة حيوي للجماعة، حيث يُعد ميناء الحديدة نقطة إمداد رئيسية لشمال اليمن، كما أنه يُستخدم كمنصة لإطلاق الهجمات البحرية على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وبقصف هذا الميناء، تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهداف مزدوجة: شل القدرات العسكرية والاقتصادية للحوثيين، والحد من قدرتهم على تهديد الملاحة الدولية. هذا التصعيد يؤكد أن إسرائيل تتبع مقاربة منهجية لمنع الحوثيين من ترميم البنى التحتية.
ويعمّق تدمير البنى التحتية من سوء الوضع المعيشي والإنساني الصعب في مناطق سيطرة الحوثيين، ويضيف تعقيدات جديدة لقدرة الجماعة على تلبية متطلبات الحياة اليومية للسكان هناك وهو أمر حيوي لمواصلة السيطرة عليهم وفرض سلطانها داخل مجتمعاتهم ولا يعني ذلك انصياعهم لأوامرها وولاءهم الطوعي لها ورضاهم عنها.
وأوردت قناة المسيرة عبر منصة إكس "عدوان إسرائيلي على ميناء الحديدة"، مشيرة الى تنفيذ "12 غارة لطيران العدو الاسرائيلي".
وأتت الضربات بعد إنذار الجيش الإسرائيلي بإخلاء الميناء ومحيطه في ضوء "الأنشطة العسكرية التي يمارسها نظام الحوثي الإرهابي".
لا تُعدّ الضربات الإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدة حادثة معزولة، بل هي حلقة ضمن سلسلة متواصلة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل والحوثيين، بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023، إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على جنوب إسرائيل.
فمنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، يطلق الحوثيون، الذين يسيطرون على المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان في اليمن، صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل، مؤكدين أن هجماتهم تأتي في إطار إسنادهم للشعب الفلسطيني.
كما يشنّ الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر، مما تراه إسرائيل تهديدا مباشرا لأمنها الملاحي والاقتصادي.
ورغم نجاح الدفاعات الإسرائيلية في اعتراض معظم هذه الهجمات، ترد تل أبيب بقوة، مستهدفة مواقع وبنى تحتية وقادة للحوثيين في اليمن.
وقد شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا ملحوظا، حيث شنّ الجيش الإسرائيلي الخميس الماضي غارات على مواقع عدة في اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، مما أسفر عن مقتل 46 شخصا على الأقل، وفقا لوزارة الصحة في حكومة الحوثيين.
ودفع هذا الهجوم الرئيس الجديد لحكومة الحوثيين، محمد أحمد مفتاح، إلى التعهد بمواصلة قتال إسرائيل خلال تجمع جماهيري في صنعاء، بعدما قضى سلفه في غارة إسرائيلية على اليمن أواخر أغسطس.
وتتزامن هذه التطورات في اليمن مع تصعيد كبير على جبهة غزة، فقد أعلنت إسرائيل اليوم الثلاثاء عن بدء هجوم بري واسع النطاق على مدينة غزة، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن "غزة تحترق"، في حين أكد فلسطينيون أن المنطقة تتعرض لقصف هو الأعنف خلال عامين من الحرب.
هذا الهجوم البري، الذي توعدت به إسرائيل منذ فترة طويلة، يؤكد على أن تل أبيب ماضية في سياستها الهجومية، وأنها لا تتردد في توسيع نطاق صراعاتها لتشمل أطرافا إقليمية أخرى، مثل الحوثيين في اليمن.
في ظل هذا التصعيد، حذر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، من أن دوامة العنف الراهنة في الشرق الأوسط تدفع باليمن بعيداً عن السلام المستدام.
وفي إحاطة لمجلس الأمن، أشار غروندبرغ إلى التصعيد المقلق في الأعمال العدائية بين الحوثيين وإسرائيل، وقال "واصل الطرف الأول استهداف إسرائيل بالعديد من الطائرات المسيرة والصواريخ، مما أسفر، بحسب التقارير، عن إصابات بين المدنيين وألحق أضراراً بمطار مدني".
وأضاف أن إسرائيل شنت عدة غارات استهدفت صنعاء ومناطق أخرى، وأودت بحياة مدنيين، بينهم مسؤولون كبار من الجماعة الحوثية.
ونبه غروندبرغ إلى أنه إذا تم التعامل مع أوضاع اليمن بشكل رئيسي من زاوية المخاوف الإقليمية، فإن أصوات اليمنيين واحتياجاتهم وتطلعاتهم ستهمش. وشدد على أنه آن الأوان لوقف هذه الدورة المستمرة من التصعيد، وضرورة إعادة توجيه الاهتمام نحو التحديات الداخلية لليمن وإبراز إمكاناته الكبيرة.
وفي سياق متصل، ندد المبعوث الأممي بالموجة الأخيرة من الاعتقالات التعسفية التي طالت 22 من موظفي الأمم المتحدة في صنعاء والحديدة، واعتبرها "تصعيداً صارخاً" من جانب الحوثيين. وأوضح أنه لا يزال هناك أكثر من 40 موظفا من موظفي الأمم المتحدة رهن الاحتجاز، بالإضافة إلى زميل توفي أثناء احتجازه، مؤكدا أن هذه الاعتقالات تقوض قدرة الأمم المتحدة على دفع جهود السلام وتقديم الدعم الإنساني للشعب اليمني.