إسرائيل تقصف جنوب سوريا لفرض شروطها في الاتفاق الأمني
دمشق - يلقي مقتل شخص بقصف إسرائيلي على قرية في جنوب سوريا، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) الثلاثاء، وهو ما ندّدت به الخارجية السورية باعتباره "خرقا فاضحا" للقانون الدولي، بظلاله على مفاوضات أمنية يجريها البلدان لخفض التصعيد، في وقت يلوح فيه في الأفق اتفاق أمني محتمل بوساطة أميركية.
ويرى مراقبون أن العملية العسكرية التي نفذتها إسرائيل تتزامن بشكل لافت مع تقدم مفاوضات الاتفاق الأمني، مما يثير تساؤلات حول دوافعها الحقيقية.
ففي الوقت الذي أكد فيه الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه وفدا إعلاميا عربيا مساء الأحد وجود بحث "متقدم" بشأن اتفاق أمني بين دمشق وتل أبيب، مشددا على أن "أي اتفاق مع إسرائيل سيكون فقط على أساس خط الهدنة لعام 1974"، تأتي هذه التحركات العسكرية لتضيف ضغطا على دمشق، وتجعل من التنازلات أمرا واردا على طاولة المفاوضات.
وهذه الديناميكية المعقدة قد تكون محاولة من تل أبيب لفرض شروطها في ظل الوضع الجديد في سوريا.
ولا تبدو العملية العسكرية الإسرائيلية، التي تتزامن مع المباحثات الأمنية، مجرد صدفة، فبينما تسعى دمشق إلى ترسيخ استقرارها الإقليمي بعد سنوات من الاضطراب، تستخدم إسرائيل ورقة القوة العسكرية، ليس فقط للحؤول دون وقوع السلاح بين أيدي غير مرغوب فيها كما تدعي، بل أيضا لتعزيز موقفها التفاوضي.
وتضع هذه المناورة الحكومة السورية الجديدة أمام تحد كبير، يتمثل في كيفية الموازنة بين الحاجة إلى الاستقرار وبين الحفاظ على سيادتها ومبادئها في أي اتفاق مستقبلي.
وأفادت سانا الثلاثاء عن "استشهاد شاب جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في قرية طرنجة بريف القنيطرة الشمالي".
ودانت وزارة الخارجية السورية في بيانها "الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على أراضيها" والتي أسفرت عن مقتل الشاب.
واستنكرت توغّل القوات الاسرائيلية في بلدة في ريف القنيطرة و"شنّها حملات اعتقال بحق المدنيين" و"إعلانها الاستمرار في التمركز غير المشروع في قمة جبل الشيخ والمنطقة العازلة".
واعتبرت أن "هذه الممارسات العدوانية تمثل خرقا فاضحا لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتشكل تهديداً مباشراً للسلم والأمن في المنطقة".
وطالبت كذلك "المجتمع الدولي، ولاسيما مجلس الأمن بالتحرك العاجل لوضع حدّ لهذه الانتهاكات المستمرة".
ومنذ إطاحة حكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024، شنّت إسرائيل مئات الضربات على مواقع عسكرية في سوريا، مبررة ذلك بالحؤول دون وقوع الترسانة العسكرية في ايدي السلطات الجديدة.
وتوغلت قواتها داخل المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، والواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله الدولة العبرية من الهضبة السورية. وتتقدم قواتها بين الحين والآخر الى مناطق في عمق الجنوب السوري.
ومن جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أن قوات تابعة له أجرت الاسبوع الماضي أنشطة ليلية عدة في جنوب سوريا بهدف البحث عن أسلحة ومشتبه بهم. وأكد أنها عثرت على مخازن ضمت صواريخ وعبوات ناسفة وبنادق رشاشة وكميات كبيرة من الذخيرة، وقامت بمصادرتها.
ودانت الثلاثاء كل من الرياض والدوحة في بيانين منفصلين التوغلات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية.
واعتبرت الخارجية السعودية ذلك "انتهاكا صارخا لسيادة الجمهورية العربية السورية الشقيقة والقانون الدولي".
ودعت الخارجية القطرية من جانبها "المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة بحق الاحتلال الإسرائيلي، وإلزامه بوقف اعتداءاته المتكررة على الأراضي السورية".
ولا تزال سوريا واسرائيل في حالة حرب رسميا منذ العام 1948.
وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع منذ توليه الحكم، أن سوريا لا ترغب بتصعيد مع جيرانها، ودعا المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها.
ويخوض الطرفان مفاوضات مباشرة، في محاولة لخفض التصعيد.
والتقى وزير الخارجية أسعد الشيباني الأسبوع الماضي وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في باريس.
وأوردت وكالة سانا أنّ النقاشات تجري "بوساطة أميركية، في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها".