أوبرا دمشق تحمل زوارها في رحلة تراث موسيقي إلى بلاد الشام والعراق

"على خطى الموسيقى" مشروع يهدف إلى توثيق الموسيقى الشعبية وصونها من الاندثار والتعرف إلى خطوات صناعة الآلات.
السبت 2025/10/11
آلات تدعو المتفرج لتجربتها

دمشق - احتفت الفعالية الفنية المنوعة التي استضافتها دار أوبرا دمشق تحت عنوان “على خطى الموسيقى”، بالتقاليد الموسيقية الغنية والآلات الشعبية في منطقة بلاد الشام والعراق والتراث الغنائي فيهما.

وكللت هذه الفعالية التي أقامتها مؤسسة العمل للأمل بالتعاون مع وزارة الثقافة،  مساء الخميس، سلسلة من الخطوات ضمن مشروع “على خطى الموسيقى” الذي انطلق منذ 3 سنوات، بدأ بقيام أكاديميين متخصصين ببحوث ميدانية في 11 تجمُّعاً سُكّانياً في مناطق الرقّة والقامشلي وريف حماة بسوريا، والهرمل وعكار ومُخيّم برّ إلياس للاجئين السوريّين بلبنان، إضافة إلى العراق والأردن، بهدف توثيق الموسيقى الشعبية في تلك المناطق وصونها من الاندثار، والتعرف إلى خطوات صناعة الآلات.

أما المعرض الذي افتتح الخميس على أن يبدأ باستقبال الزوار في الـ12 من الشهر الجاري لغاية الـ6 من نوفمبر القادم، فضم تعريفا بآلات كل منطقة، فمن العراق تطالعنا آلات الكاسور والدف الساز الأيزيدي والرّبابة، ومن الأردن نتعرف على اليرغول والشبّابة والناي والمهباج. أمّا من سوريا ولبنان فنجد مجموعة من الآلات التقليدية كالطبل بأشكاله المختلفة والرّبابة والمزمار إضافة إلى المجوز.

كما ضم المعرض لوحات تشرح عن كل آلة على حدة، إضافة إلى عرض حي لكل الآلات كتب عليها “جربني”، في دعوة صريحة لجميع الزوار أن يقوموا بالعزف عليها والاستمتاع بنغماتها بدون تدريب أو خبرة، ما أضفى جواً من المشاركة الشعبية والتماهي مع الموسيقى بشكل عضوي وحقيقي.

أما الحفل الموسيقي المرافق للمعرض فكان مشبعا بأغاني تراث تلك المناطق، حيث افتتح بنشيد سلمية، ثم نايل، وساجوري، وسلمية ست البلاد، ومجروح قلبي، ومن عرق خده، ودبكة قوصار، وعيني على الغرّابة، ثم ركايب خلتّي، واختتم بأغنية يما تعاليلي.

وقالت معاونة وزير الثقافة لشؤون التراث والآثار لونا رجب، إن الفعالية تهدف إلى إحياء التراث اللامادي الثقافي الموسيقي وربطه بالإنسان السوري، مؤكدة أن هذا الجهد جاء من خلال مؤسسة العمل للأمل كخطوة مهمة لتعريف الناس بتراثهم الموسيقي، وبالآلات التقليدية المنسية في القرى والأرياف والمدن.

◄ ربط التراث بالإنسان يسهم في تطوير الحاضر وبناء المستقبل، وخاصة في المرحلة الراهنة التي تمر بها سوريا

وأشارت رجب إلى أن ربط التراث بالإنسان يسهم في تطوير الحاضر وبناء المستقبل، وخاصة في المرحلة الراهنة التي تمر بها سوريا، معتبرة أن التراث الثقافي هو هويتنا الوطنية الجامعة، وأضافت: إن الاستراتيجية الوطنية الحالية للوزارة تركز على وضع الثقافة والتراث في مكانتهما الصحيحة.

بدورها لفتت المديرة التنفيذية لمؤسسة العمل للأمل فيروز التميمي، إلى أن الفعالية نتاج لمشروع “على خطى الموسيقى”، لإظهار غنى وتنوع التراث اللامادي السوري، والدعوة للحفاظ عليه من الانقراض، مشيرة إلى أن المشروع يؤكد أهمية التعايش المجتمعي والسلم الأهلي، باعتبار أن التراث أفضل طريقة لجمع السوريين.

من جانبه قال الموسيقي والمشرف الفني على الحفل فواز باقر إنه تم تقديم ثلاث مقطوعات من تراث الرقة، ومثلها من تراث السلمية، وثلاث أخرى مشتركة، باستخدام الربابة والمجوز والشبابة والدفوف بمساندة العود والغناء بالآلات القديمة من وسط سوريا.

وبيّن الموسيقي نوار زهرة من جمعية النهضة الفنية التي شاركت في تنظيم المعرض والحفل، أن الجمعية تعمل كرديف لمؤسسة العمل للأمل وتقوم بورشات عمل تدريبية على العزف والغناء داخل سوريا، ونوه بأهمية الفعالية في نشر هذا التراث الذي لم يحظى من قبل باهتمام أو ترويج، أما الآن وبفضل إقامة هذه الفعاليات يتعرف الناس بكل أطيافهم على تراث وثقافة المناطق السورية الأخرى.

يشار إلى أن الدورة السابقة من معرض “على خُطى الموسيقى” أقيمت في شهر أكتوبر من العام الماضي، بالمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة في عمّان، حيث عرض وقتها التقاليد الموسيقية والآلات الشعبية ضمن 11 مجتمعاً من الأردن، والعراق، وسوريا، ولبنان.

والموسيقى في بلاد الشام جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والتراث الشعبي للمنطقة. تمتاز هذه الموسيقى بتنوعها الكبير الذي يعكس تعدد الأعراق والأديان والثقافات في المنطقة، حيث تتداخل الألحان الشرقية المقامية مع الإيقاعات الشعبية، مثل الدبكة التي تُعد من أشهر الرقصات والموسيقى المرتبطة بالمناسبات الاجتماعية والاحتفالات. كما أن الآلات الموسيقية التقليدية كالعود، والقانون، والناي، تحتل مكانة مركزية في التكوين الموسيقي الشامي. ولا تزال الموسيقى في بلاد الشام حتى اليوم تعبّر عن قضايا الناس وأحلامهم، وتلعب دورًا مهمًا في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وفي العصر الحديث، شهدت الموسيقى في المنطقة تطورًا كبيرًا في القرن العشرين، خاصة مع ظهور نجوم كبار ساهموا في نشر الموسيقى من تلك البلدان إلى العالم العربي بأسره. كما ظهرت أنماط موسيقية جديدة تجمع بين الطرب الأصيل والأنغام الحديثة، مما أكسب الموسيقى الشامية طابعًا متجدّدًا لا يزال يحافظ على أصالته.

1