دمشق تلاحق فلول الأسد في حملة أمنية واسعة بطرطوس

الحملة الأمنية تهدف للتصدي لمحاولات إحياء نشاطات فلول النظام السابق في منطقة الساحل السوري مع تصاعد الهجمات على قوات الامن الداخلي.
السبت 2025/08/30
قوات الأمن السورية تركز على عناصر رفضت التسوية

دمشق - شرعت السلطات السورية، يوم السبت، في تنفيذ حملة أمنية واسعة في محافظة طرطوس الواقعة غرب البلاد، وذلك بهدف القضاء على الخلايا الإرهابية المتورطة في الهجمات الأخيرة ضد قوات الأمن الداخلي. وتُعتبر هذه الحملة خطوة استراتيجية هامة في وقت حساس بالنسبة للحكومة السورية، التي تسعى إلى استعادة الاستقرار الأمني في المنطقة بعد سلسلة من التوترات التي شهدتها مناطق الساحل، على خلفية محاولات متكررة من مجموعات مناهضة للنظام السابق لشن هجمات على المنشآت العسكرية والمدنية.
وتركز هذه الحملة الأمنية على التصدي لمحاولات إحياء نشاطات فلول النظام السابق في منطقة الساحل السوري، التي كانت تعتبر معقلاً رئيسياً للنظام طوال سنوات حكم الأسد. ورغم التحسن النسبي في الوضع الأمني في بعض المناطق، تبقى منطقة الساحل منطقة ساخنة تواجه فيها القوات السورية تحديات مستمرة في مواجهة 'الخلايا الإرهابية' ومحاولة استعادة السيطرة الأمنية بالكامل.
وقالت وزارة الداخلية السورية في بيان رسمي إن الحملة استهدفت أوكاراً تابعة لخلايا إرهابية خارجة عن القانون، التي تم توجيهها لتنفيذ هجمات على قوات الأمن الداخلي والمواقع العسكرية. وأوضحت الوزارة أن آخر هذه الهجمات وقع في 18 أغسطس 2025، عندما استهدفت إحدى دوريات الأمن الداخلي على مداخل مدينة طرطوس، مما أسفر عن 'استشهاد عنصرين من قوات الأمن'.

وتعتبر هذه الهجمات جزءاً من سلسلة محاولات مستمرة منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، والتي بدأت تظهر فيها فلول النظام السابق والجماعات المسلحة التي سعت لاستغلال الفراغ الأمني في بعض المناطق. ورغم النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية السورية في القضاء على بعض الخلايا، إلا أن بعض الجماعات المرتبطة بالنظام السابق لا تزال تحاول استعادة نفوذها في المنطقة.
ومنذ انهيار نظام بشار الأسد، سعت الحكومة السورية الجديدة إلى تنفيذ عمليات تسوية مع بعض من عناصر النظام المخلوع، بما في ذلك ضباط في الجيش والأمن. لكن رفض بعض هؤلاء لتسليم أسلحتهم والانخراط في العملية السلمية تسبب في مواجهات دموية في بعض المناطق، لا سيما في الساحل السوري.
وفي ظل هذه التطورات، تقوم دمشق بتركيز جهودها على ملاحقة هؤلاء العناصر المتمردة التي ترفض العودة إلى حالة التسوية. ويُذكر أن المنطقة الساحلية كانت من أبرز معاقل النظام السابق، حيث تشكل بؤرة تجميع للعديد من العسكريين والمناوئين للحكومة السورية الجديدة.
وتعد الحملة الأمنية الأخيرة في طرطوس جزءاً من استراتيجية شاملة لضبط الأمن في الساحل، والذي يتسم بتضاريس جبلية وأودية جعلت من السهل على بعض الجماعات المسلحة التنقل بحرية. ومنذ بداية عام 2025، تمكنت القوات السورية من تكثيف العمليات الأمنية ضد الخلايا المتبقية في الساحل، مستفيدة من الدعم المحلي والتعاون بين أجهزة الأمن المختلفة.
وتسعى السلطات إلى منع أي محاولات لشن هجمات إرهابية قد تهدد استقرار المنطقة، والتي قد تؤدي إلى تقويض جهود الحكومة السورية في إعادة بناء البلاد. كما تم تعزيز الوجود العسكري والاستخباراتي في النقاط الحساسة التي كان يتمركز فيها النظام السابق، وتدور حولها صراعات مستمرة مع العناصر المتمردة.
إن منطقة الساحل ليست فقط معقلًا للضباط والعسكريين الموالين للأسد، بل أيضًا مصدر إلهام لبعض الجماعات المرتبطة بالنظام السابق والتي قد تشكل تهديدًا للأمن الوطني. وتشير التقارير إلى أن هناك محاولات مستمرة من هذه الجماعات لإثارة الفوضى، سواء عبر عمليات اغتيال أو هجمات على القوات الحكومية أو المدنيين، في مسعى منهم لإعادة إحياء النفوذ الذي فقدوه بعد سقوط الأسد.
وفي هذا السياق، تشدد السلطات السورية على أنها لن تسمح بعودة أي من هذه الجماعات إلى الساحة السياسية أو العسكرية. وقد أُطلقت عدة حملات موازية على الأرض، بما في ذلك تفعيل مراكز التسوية في مناطق أخرى من الساحل، لملاحقة كل من يحاول إعادة تنشيط الخلايا الإرهابية في هذه المنطقة.
رغم أن الوضع الأمني في سوريا لا يزال يعاني من بعض التوترات والتحديات، فإن هناك تحسناً ملحوظًا في بعض المناطق، خاصة بعد تسوية الوضع في المدن الكبرى. ومع ذلك، تبقى منطقة الساحل السوري واحدة من المناطق التي تشهد صراعًا مستمرًا بين الدولة وعناصر النظام السابق، حيث لا يزال تأثير بعض الفصائل المتبقية قويًا في هذه المناطق.
وقد أظهرت العمليات العسكرية الأخيرة نجاحًا في تقليص وجود هذه الفصائل، ولكن التهديدات لا تزال قائمة في المناطق النائية والجبلية. وعليه، تبقى الحاجة إلى ملاحقة هذه الخلايا مستمرة ضمن إطار استراتيجية أمنية شاملة تهدف إلى ضمان الاستقرار التام.