الداخلية السورية تنفي ملاحقة معارضين بسبب مواقفهم السياسية

الناطق باسم الداخلية السورية يؤكد أن الأجهزة الأمنية تركز على ملاحقة من وصفهم بالخارجين عن القانون والمتورطين في أعمال تهدد الأمن العام.
الجمعة 2025/10/03
نشطاء يؤكدون أن الملاحقات تصاعدت بعد أحداث الساحل والسويداء

دمشق - نفت وزارة الداخلية السورية صحة ما تم تداوله مؤخراً بشأن وجود جهة أمنية تابعة لها تقوم بملاحقة المواطنين على خلفية آرائهم السياسية أو الفكرية، مؤكدة أن تلك المزاعم "عارية عن الصحة" وتهدف إلى بث الخوف وزعزعة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نورالدين البابا، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية "سانا" انه "في محاولة لتشويه الصورة ونشر الترهيب بين المواطنين يتم تداول إشاعة كاذبة تتحدث عن تواجد 'فرع للأمن السياسي' يتبع لوزارة الداخلية يقوم هذا الفرع المزعوم بملاحقة المواطنين بناء على آراء سياسية وفكرية".

وأضاف البابا أن هذه المزاعم مرتبطة بما وصفه بـ"حملات تشويه منسقة" تستغل بعض الأحداث الداخلية وتضخمها لخدمة أجندات سياسية معادية، مؤكداً أن الوزارة لا تمارس أي نوع من الملاحقة أو الاستهداف بناء على القناعات أو التعبير عن الرأي، وأن الأجهزة الأمنية تركز على ملاحقة من وصفهم بـ"الخارجين عن القانون والمتورطين في أعمال تهدد الأمن العام".
وشدد المتحدث على "زيف هذه الإشاعة" مذكرا أن ما يسمى سابقا 'شعبة الأمن السياسي' التابعة لوزارة الداخلية في عهد النظام البائد تم حلها بشكل كامل لدورها في قمع الشعب السوري وارتكاب الانتهاكات ضده مع غيرها من أفرع الإجرام، وأعلن ذلك في مؤتمر انتصار الثورة السورية المباركة بتاريخ التاسع والعشرين من كانون الثاني لهذا العام".
وتأتي تصريحات وزارة الداخلية في وقت تشهد فيه البلاد تشديداً أمنياً في عدد من المناطق، لا سيما بعد توترات في الساحل ومحافظة السويداء، حيث تصاعدت الاحتجاجات وتنامت أصوات معارضة تعبّر عن استياء من الأوضاع المعيشية والسياسية.
ويقول نشطاء إن بعض هذه الإجراءات الأمنية طالت مواطنين على خلفية مشاركتهم في احتجاجات أو منشورات تنتقد الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين تصر السلطات على أن الاستهداف يطال فقط من وصفتهم بـ"المخربين ومثيري الفوضى"، وتنفي أي دوافع سياسية وراء ذلك.
ورغم عدم وجود أدلة موثقة على ملاحقات ممنهجة ضد المعارضين، فإن اتساع حملات التوقيف، ومحدودية المساحات الممنوحة للتعبير العلني عن الرأي، دفعت بعض الناشطين إلى التحذير مما يصفونه بـ"عودة القبضة الأمنية"، وهو ما تنفيه دمشق بشدة.
وفي معرض رده على هذه المخاوف، شدد المتحدث باسم وزارة الداخلية على أن الوزارة متمسكة بالمبادئ التي قامت عليها الثورة السورية، وعلى رأسها صون الكرامة والعدالة والحرية، قائلاً تشدد وزارة الداخلية على تمسكها بحفظ قيم الحرية والعدالة والكرامة لجميع المواطنين".
وتؤكد الحكومة السورية الجديدة أن بناء الدولة الحديثة يقوم على احترام حقوق الإنسان، وحماية الحريات الفردية، ودعم المشاركة السياسية، مع الالتزام بتطبيق القوانين التي تضمن الأمن والاستقرار.
ويُذكر أن مسألة الحريات، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير، كانت واحدة من أبرز مطالب الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في عام 2011، والتي تعهدت السلطات في مراحل لاحقة بالاستجابة لها عبر إصلاحات مؤسساتية وتشريعية شاملة.
وفي المقابل، يرى معارضون خاصة في الخارج أن الإجراءات الأمنية الأخيرة تتجاوز ملاحقة الخارجين عن القانون، وتطال أحياناً منتقدين سلميين، مشيرين إلى أن هناك حاجة لتأكيدات ملموسة على الأرض بشأن احترام الحريات، وضمان عدم عودة الأجهزة الأمنية للعمل بذات الأساليب التي اتُّهمت بها خلال العقود الماضية.
ويطالب ناشطون ومجموعات من المجتمع المدني بإيجاد آلية رقابة مستقلة، تضمن عدم استغلال القوانين في تقييد الحريات، وبأن يتم الفصل بوضوح بين العمل الأمني وحماية الرأي العام وبين محاولات إسكات الأصوات المعارضة.
ووسط هذا الجدل، تبدو تصريحات وزارة الداخلية السورية بمثابة رد رسمي مباشر على الانتقادات المتزايدة، ومحاولة لتأكيد التزام الدولة بقيم الثورة، في وقت تسعى فيه دمشق لإعادة بناء الثقة بين مؤسساتها والمجتمع بعد سنوات طويلة من الصراع والانقسام.